النكبة الفلسطينية

في يوم لا ينساه التاريخ، 15 أيار 1948، استيقظت فلسطين على صوت القذائف المزمجرة والجيوش الغازية.

كانت القرى تتساقط الواحدة تلو الأخرى، وكانت أصوات الانفجارات تملأ الحقول التي اعتادت أن يملؤها صخب الحصاد وأغاني الفلاحين. 

في ذلك اليوم، لم يفقد الفلسطينيون الأرض وحسب، بل فقدوا أشجار الزيتون، ومقابر الأجداد، وذكريات الطفولة تحت أشجار اللوز. لم يكن الأمر وليد لحظة، بل نتيجة مسار طويل ابتدأ بوعدٍ ظالم، حين وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في أرض كانت عامرة بأهلها. 

اقتُلعت الذاكرة من الأرض، وتجولت في الرياح قصصهم؛ قصص الذين كانوا يسكنون الطنطوره، حين اجتاحتها القوات الصهيونية، وارتكبت فيها مجزرة ستبقى شاهدة على أن النكبة لم تكن مجرد تهجير، بل كانت اقتلاعًا من الجذور، وزهقاً للأرواح. 

تمزقت الأماني، وتبعثرت الأحلام التي لم يُكتب لها أن تتحقق. 

حمل اللاجئون مفاتيح منازلهم في جيوبهم، وكانوا يظنون أنهم سيعودون بعد أيام، وإن طال الغياب بضعة أشهر. لكن، مرت العقود، وبقيت المفاتيح شاهدة على حلم لم يغب، وبقيت صور القرى في الذاكرة، تُرسم في الأغاني وفي القصائد، وتحيا في لوحات فنية تحكي عن الحقول التي غابت وعن الينابيع التي جفّت. 

في كل ريح تهب على فلسطين، كان هناك صوت يهمس: الذاكرة لا تُقتلع… والعودة موعودة.

أضف تعليق